كيف نفهم القرآن ؟ الجزء الأول
صفحة 1 من اصل 1
كيف نفهم القرآن ؟ الجزء الأول
كيف نفهم القرآن؟
السيد محمد رضا الشيرازي الحسيني
الفصل الاول (افلا يتدبرون القرآن)
القرآن، حروف بلا معان!
في طليعة المشاكل التي تعاني منها أمتنا اليوم في تعاملها مع القرآن (القراءة السطحية) لهذا الكتاب المجيد.
إنها تتعامل مع القرآن كحروف وكلمات، وليس كمفاهيم تنبض بالحركة والحياة!
إنها تستمع إلى القرآن، وتتلو آياته، ولكن كتمائم سحرية، وطلسمات غيبية، لا يكاد أحد يفهم منها شيئاً!
وبذلك أصبح القرآن حروف بلا معان، وكلمات بلا مفاهيم.
من هنا، فإن أمتنا.
1 - تقرأ القرآن وخلال ذلك تفكر في كل شيء، إلا في معاني آياته، ولماذا تفكر؟!
أليس القرآن كتاباً متعالياً عن عقولهم ومداركهم؟! ثم، أليس التدبّر في القرآن حراماً! إذن، فلماذا يتعبون أنفسهم فيما لا فائدة فيه! بل بما فيه خطر السقوط في نار جهنم!
2 - وعندما يقرأ الواحد منهم القرآن فإن أكبر همه - حينئذ - أن يتمّ القدر الذي يريد قراءته في أسرع وقت، ولذلك فهو يتصفّح أوراق القرآن بين حين وآخر ليرى كم صفحة بقيت إلى النهاية؟! وعندما ينتهي من القراءة يغلق القرآن، وآهة الفرح تنطلق عبر رئتيه.
ولكن، ماذا تغيّر فيه؟!
والجواب: لا شيء، إنه نفس ذلك الإنسان القديم، بكل ما فيه من رذائل وسلبيات!
والسؤال الآن هو: كيف أصبحت الأمة هكذا؟ وما هي العوامل والأسباب الكامنة وراء ذلك؟
والجواب:
1 - تشوّش الرؤية.
فقد رسخت في أذهان الكثيرين فكرة (تعالي القرآن عن الإدراك البشري)، إنه كتاب الله، وهل تستطيع ذرة تافهة في الوجود - اسمها: الإنسان - أن تصل إلى تلك القمم الرفيعة؟!
ولقد تطرّق البعض في هذا الاتجاه حتى قال: (إن القرآن كله متشابه بالنسبة إلينا، ولا يجوز لنا أن نتكلم في محكمه)!
وعندما سألت بعض الحاضرين:
ما تقول في (قل هو الله أحد)، هل هذه - أيضاً - تعتبرها آية متشابهة؟!
أجاب: بأن (أحد) ما معناه؟ وما مبدأ اشتقاقه؟ وما الفرق بينه وبين الواحد، وأطال الكلام في مثل هذا!.
وهذا يعني أن قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) أو قوله: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) أو قوله: (وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) وأمثال هذه الآيات هي آيات متشابهة، لا يحق لأحد - أي أحد - أن يحاول فهمها، أو أن يتكلم فيها؟
إذن، ماذا بقي من القرآن؟!
لم يبق سوى آيات تُقرأ لشفاء أوجاع العين أو الأذن، وأخرى تتلى هدية إلى أرواح الأموات؟! وهل هذا هو الإسلام الذي وصفه الله تعالى بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)؟!
إن (تشوّش الرؤية) هذه، تعتبر من أهم العوامل التي ساهمت في فصل الأمة عن روح القرآن، ومفاهيمه السامية.
2 - وقد لعب عدم الاستعداد النفسي للتعمق الفكري، دوراً ما في هذا المجال، بالنسبة إلى بعض الأجيال المعاصرة.
إنها تبحث عن (سندويشة) طازجة تستطيع أن تتناولها بسهولة، أما (القضايا الفكرية المعمقة) فهي، تودّ كثيراً البحث فيها، إنه عصر السرعة، أليس كذلك؟!
ولكن، فات هؤلاء أن السطحية في الرؤية والتفكير قد ترضي شهوات الإنسان، ولكنها كثيراً ما توقعه في أخطاء قاتلة.
وفاتهم كذلك أن الملاحظة الدقيقة والتفكير العميق، هما الخطوة الأولى التي لا غنى عنها في أية مسيرة حضارية.
ولذلك نجد أن عالما غربياً قد يقضي من عمره عشرين عاماً أو أكثر وهو يراقب أمراً قد يبدو لنا تافهاً، ولكنه يخرج من ذلك بنتائج هامة، وكبيرة.3 -
3_ ولا ننسى هنا الأثر الذي تركه ابتعاد الجيل المعاصر عن اللغة العربية الأصيلة.
فقد ساهم هذا العامل في عدم فهم هذا الجيل لبعض الآيات القرآنية، لأنه لم يعرف المدلول الحقيقي لبعض (الكلمات القرآنية). مما جعله يجهل معنى الآيات التي تضمّنت تلك الكلمات.
هذه كانت أسباب انفصال الأمة عن روح القرآن، ومفاهيمه، ولكن أهمها - كما أتصوّر - هو العامل الأول.
إذن، فلابد لنا أن نفصّل القول أكثر في (الشبهات) التي تولّد منها هذا العامل، بعد أن نستعرض بعض الأدلة التي تؤكد على (مشروعية) التدبّر في آيات القرآن الكريم؟! بل و (ضرورة) ذلك أيضاً.
رفيف الروح- مشــــرفــــة
- عدد الرسائل : 228
تاريخ التسجيل : 16/07/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى